مدونة متنوعة المواضيع بين الرائج والتاريخي والغريب

اعلان اسفل القائمة العلوية

test

السبت، 2 ديسمبر 2023

ميتين أهلك .. سر الكلمة !



 ميتين أهلك .. سر الكلمة !


أوقات كتير بنردد كلام في مواقف مختلفة من حياتنا

من غير ما نكون مدركين معناه ولا فاهمين الغرض منه إيه 

ومن ضمن الكلمات اللي بنرددها وبنسمعها بشكل متكرر

جملتين اتنين .. مرتبطين بحادثة واحدة ..

هطلع ميتينك ، و بالميت ..

حد قالك هطلع ميتينك قبل كده ؟

أو في تعبير تاني قالك هطلع ميتين أهلك ؟ 

طب إتعاملت مع حد في بيعة .. سواء بيت أو عربية أو أي سلعة

وقالك الحاجة دي بالميت تعمل كذا ؟

تفتكر إيه علاقة الأموات بالموضوع ..؟ 

وهل دي شتيمة فعلاً ولا احنا فاهمين غلط ..؟


في السودان قامت الثورة المهدية على يد محمد أحمد المهدى عام ١٨٨١ 

واستمرت حتى ١٨٩٩ .. وبعد قيامها بعشر سنين 

مسك الحكم حاكم إسمه عبد الله التعايشي 

وفي الوقت ده كان السودان بيعاني من عادة غريبة جدًا 

غريبة بس بالنسبة لهم مقدسة .. وخصوصاً الصوفيين بينهم 

واللي كان عددهم كبير جدًا جدًا في دولة السودان .. 

عادة دفن الموتى داخل المنازل 

لما كان بيموت كبير العائلة

 أو أحد أفرادها كانوا بيدفنوه داخل البيت

واللي قرر الخليفة عبد الله التعايشي إلغاءها

 لمخالفتها لتعاليم الدين الإسلامي وقرر أن (يطلع ميتين) أم درمان

 ويدفنهم في مقابر خاصة بالمسلمين ومراعاة منه لكبار شيوخ الصوفية

 قام بتحويل بعض منازلهم لمقابر عشان ما يضطرش (يطلع ميتينهم) 

طبعاً الموضوع تم بصعوبة شديدة .. ولجأ التعايشي للعنف 

في أوقات كتير جدًا .. نظرًا لتمسك السودانيين بعادات أجدادهم

فلوقت طويل ارتبط التعنيف أو إنه حد يعتدي على حد 

بجملة (هطلع ميتينك) وعاشت الجملة لسنين طويلة 

وفضلت مرتبطة بعادة إنه اللي يرفض يسمع الكلام 

هيطلع ميتين أهله .. ومع الوقت ولأن ثقافتنا كمصريين وسودانيين 

تقريبًا ثقافة واحدة .. نظرًا لوجود قرابات وأنساب بينا 

عاشت الجملة لسنين طويلة .. وسافرت وانتقلت من السودان لمصر .. 

عادة دفن الموتى في البيوت مش بس كانت مخالفة للشريعة الإسلامية

إنما كانت بتسبب مشاكل وصعوبات طول الوقت في التعاملات

وعدم حرية في حركة بيع وشرا الأراضي والبيوت

فمن المؤسف مثلاً أنه إذا مرت العائلة بضائقة مالية 

كانت ممكن تضطر لبيع البيت

 علشان تقيم في بيت أقل منه فى المستوى

 ويقدروا يستفيدوا من فرق سعر البيع

 في سداد الديون أو حل الأزمة المالية اللي بيمروا بيها 

 وبالطبع فإن البيع كان بيتم بسعر أقل من السعر السائد في السوق

 وذلك فى حالة بيع البيت “بالميت”

 لأن عملية إخراج الميت ونقله الى مكان آخر كانت مكلفة جداً

 وبتحتاج للاستعانة بشيخ وده كان بيطلب مبالغ مالية كبيرة

 مقابل قيامه بعمل طقوس دينية معقدة ،

 فكان بيضطروا في النهاية إلى بيع البيت بالميت

 ومن هنا ظهر التعبير اللي بيتم تداوله حتى الآن

 فى عمليات البيع والشراء أن هذا السعر “بالميت”

 بمعنى أن السعر ده هو أقل سعر في عملية البيع .

المهم أن الخليفة عبد الله التعايشى اللي تولى الحكم عام 

١٨٩٩ أراد الغاء هذه العادة باعتبارها مخالفة لتعاليم الدين الاسلامى

 فقرر أن ينقل الموتى من البيوت اللي باعها أهلها بما فيها من “جثث الموتى” 

وبدأ مشروعه فى مدينة “أم درمان” ليتم دفنهم فى مدافن عامة 

وبعدها كرر الموضوع فى بقية المدن السودانية الاخرى

 فانتشرت فى السودان أنه “طلع ميتين أم درمان”

 وتحولت هذه الجملة إلى نوع من السباب والشتائم

 وتهديد لأي شخص بأنه لو ما عملش كذا “هيطلع ميتين اهله”

 وبالطبع كانت الجملة دي صعبة وقاسية

 لأنها بتعني أن الشخص ده من عائلة باعت “البيت بالميت”. 

دلوقت وبعد ما عرفنا أصل وفصل جملة “هاطلع ميتين اهلك”

 تفتكر هنوقف ترديدها حتى ولو على سبيل الهزار

وخصوصًا أنها بتتعلق بحرمة الموتى من ناحية

 وبشعب السودان الشقيق من ناحية أخرى ، 

فالأشقاء في السودان ما كانش ليهم أى ذنب

 فى الظروف الصعبة والقاسية اللي مروا بيها

بل بالعكس هما اتولدوا لقوا أجدادهم بيقدسوا موتاهم 

بشكل كبير لدرجة انهم بيدفنوهم في البيوت علشان ما يفارقهومش

 وللأسف عقابهم من التعايشي وقواته كان شديد 

 بعد ما عرفت معنى الجملتين .. 

تفتكر فيه كلام كتير بنستخدمه وبيحمل معنيين ؟

لو تعرف حكاية جملة من جمل شعوبنا العربية المشهورة

ياريت تقولنا في الكومنتات .. 

وبكده تكون انتهت حلقتنا النهارده 

وحكايتنا في واحدة من أغرب الحكايات

استنونا في حكاية جديدة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أتشرف بتعليقك ونقدك دائمًا ..

اخفاء القائمة الجانبية من الرئيسية

Post Top Ad

Your Ad Spot