طاعون الرقص -  مرض أم أسطورة .. أم حالة من العدوى؟

 تخيل تصحى من النوم تلاقي عندك رغبة شديدة في الرقص 

من غير مزيكا ولا مهرجانات ، وبدون أي سبب منطقي 

تحس إنك اتجننت ومش قادر تسيطر على نفسك 

تخرج من البيت تلاقي البلد كلها بترقص 

كلنا نعرف عن الرقص إنه روقان وفرفشة 

حاجة كده ممكن تخرج بيها الطاقة السلبية اللي عندك 

إنما اللي ما تعرفوش بقى إنه ممكن يموت 

لو كان مزمن ، لأنه مرتبط بظاهرة من الأغرب عالميًا 

مرض طاعون الرقص 

ودي حالة من الهستيريا الجماعية ، حصلت في أماكن كتير 

أشهرهم لما حصلت في مدينة ستراسبورغ الموجودة في شرق فرنسا 

وكانت في الوقت ده 1518 جزء من الإمبراطورية الرومانية 

لما أصاب المرض ده 400 شخص ، 

ولمدة أقل من شهرين بأيام بيرقصوا 

لحد ما توفى منهم عدد كبير بالنوبات القلبية ، 

والسكتات الدماغية ، وعدد كبير إتنقل للمستشفيات في حالة حرجة 

الحكاية بدأت لما ست إسمها (فراو تروفيا) 

خرجت من بيتها وبدأت ترقص في شوارع المدينة بحماس غريب 

في بداية شهر يوليو 1518 

ومع محاولة جوزها ، والأطباء والقساوسة 

إنهم يوقفوها على الرقص ، ولكن فشلوا في إنهم يخلوها تبطل رقص 

علشان بعد 6 أيام ينضم ليها 34 شخص 

ويشاركوها نفس النشاط بنفس الحماس .. يرقصوا بلا توقف 

وبعد اليوم السادس ، نقلوا (تروفيا) لكنيسة في مدينة (سافيرن)

تحديدًا لمزار القديس (فايتوس)

والملقب بقديس الرقص ، ظنًا منهم إنه لعنها بسبب خطاياها 

ولكن بعد نقل تروفيا للعلاج ، كان الموضوع إنتشر في المدينة

وبشكل مريب ، ولمدة شهر كامل ، تحول الـ 34 فرد 

لـ 400 راقص .. 

طبعًا للوهلة الأولى هتحس إن دي أسطورة 

وحدث خيالي ، ملفق وغير حقيقي 

ولكن للأسف الحدث ده مُثبت في مصادر وكتب كتير ، زي 

(مذكرات طبيب شاب) للكاتب (ميخائيل بولغاكوف) 

وكتاب المواعظ في كاتدرائية المدينة ، 

والمذكرات الصادرة من مجلس مدينة ستراسبورغ 

ومُثبت كمان في السجلات المحلية والإقليمية للمدينة 

ومع إنتشار وباء الرقص بين الناس ، بدأ بعض نبلاء المدينة

في التدخل ، خوفًا منهم لإصابتهم بالعدوى لو تحول الموضوع لجائحة 

وبالفعل لجئوا لنقابة الأطباء المحليين 

واللي قالوا إن وباء الرقص مرض طبيعي ، 

وملوش أي علاقة بالأساطير ، أو معجزات 

وده بيحصل نتيجة زيادة في معدل ما أطلقوا عليه (الدم الحار) 

وده بيخلي المرضى ينتفضون في شكل رقصات جنونية

لخفض حرارة الجسم .. 

وبالفعل بناءًا على التشخيص ده 

وصفوا علاج للمرض ، وهو عبارة عن نصيحة قدموها للنبلاء والمسؤولين 

إنهم لازم يشجعوا الناس على مزيد من الرقص .. علشان يشفوا من المرض ده 

وبالتالي خصص النبلاء قاعتين للرقص 

وفتحوا سوق الخيول والحبوب قدام الناس للرقص 

وبنوا لهم منصة للرقص عليها 

بل لجأوا لعشرات من الموسيقيين 

لأن الراقصين ال 400 كانوا طول الوقت اللي فات ده بيرقصوا من غير مزيكا 

ولكن الحل ده كان كارثي ، لأنه زود حماس الراقصين 

وزود عدد الوفيات عن معدله الطبيعي 

واللي كان 15 فرد في اليوم الواحد 

لذلك طلعت أراء تانية بتحاول تفسير الحالة 

ففيه اللي قال إن الحالة دي ناتجة عن تسمم جماعي 

انتقل للناس عن طريق فطر الخبز ، واللي بيسبب 

حالات من التشنجات والهلوسة .. 

وحاولوا يدوهم علاج ضد التسمم بالفطر ده 

ولكن ما جابش برضه أي نتيجة 

فطلع رأي تالت ، وتم ترجيحه بنسبة كبيرة 

وهو إن دي بالفعل لعنة القديس (فايتوس) 

وده بسبب حالة (تروفيا) واللي إتحسنت بالفعل 

بعد ما نقلوه لمزار قديس الرقص (فايتوس) 

وقبل ما نعرف إنتهت أزمة سكان ستراسبورغ إزاي 

وإنتهى طاعون الرقص ، لازم نعرف إن الظاهرة دي 

مش هي الأولى من نوعها ، بل فضلت تتكرر 

من القرن الرابع عشر للقرن السابع عشر 

وكان بينتقل من مكان لمكان في أوروبا

وبدأ لأول مرة يُرصد تاريخيًا في مدينة آخن الألمانية 

سنة 1374 ، ولكن أشهر حالات طاعون الرقص ،

 كانت حالة ستراسبورغ ، وكانت أكثر الحالات شهرة وأكبرهم في عدد المرضى .. 400 فرد 

طب إنتهى ازاي طاعون الرقص ؟ 

كل اللي حصل إن السلطات جمعت كل الراقصين الأحياء منهم 

ونقلوهم بعربيات لضريح القديس (فايتوس)

لنفس المكان اللي اتعالجت فيه (تروفيا)

حطوا المصابين تحت تمثال القديس ، وجهزوا طقوس وأجواء 

من الماء المقدس ، والزيت والبخور ، وبعض التلاوات باللغة اللاتينية 

وبمجرد ما بدأت الناس تتحسن ، إنتشر الخبر في أوروبا كلها 

وبناءاً عليه أصبح الضريح مزار للحجاج خلال أيام 

وبالفعل ، بعد أقل من شهر من الإقامة في الأجواء دي 

قل عدد المرضى بطاعون الرقص تمامًا 

بعد ما استمر من شهر 7 لنهاية شهر 8 من سنة 1518 

بمحصلة وفيات نهائية غير معروفة ، ولكن بمعدل 15 فرد في اليوم كأقصى حد 

وبرغم مرور 500 سنة على الحدث ده 

ومع تطور الطب ، إلا إنه مفيش أراء واضحة لأسباب طاعون الرقص 

إلا إن من أغرب الآراء اللي إتقالت 

هو رأي الطبيب (باراسيليسوس) ، وهو واحد من أهم الأطباء في اوروبا في الوقت ده 

واللي قال عن الظاهرة دي ، إنها بدأت بسبب رغبة (تروفيا)

المصابة الأولى في إحراج جوزها ومضايقته 

ولأنها نجحت برقصها المستمر في ده فعلًا 

بدأت الستات التانية في المدينة تقلدها 

لحد ما الموضوع تحول لعدوى ومرض بينتقل بين الناس 

بسبب الهستيريا الجماعية ، 

يعني اللي حصل ده كله ، بسبب واحدة ست عايزة تضايق جوزها 

إنت بقى إيه رأيك ؟ تفتكر مرض طاعون الرقص 

مرض له أسباب عضوية أو نفسية ؟ 

ولا هو مجرد لعنة من قديس بيعاقب الناس على خطاياهم ؟